ملحق النشرة الأسبوعية حول ليبيا

يروم الملحق تقديم التطورات التي وردت في النشرة الأسبوعية ضمن المسار الطويل للأحداث لتقدير الموقف الحالي في ليبيا، التي تواجه في نفس الوقت، كبقية دول العالم، خطر وباء قاتل.

الخلاف بين حكومة الوفاق والبلديات حول استراتجية مكافحة المرض وطرق التمويل

متغيرات سابقة

تسببت أزمة كورونا في ظهور خلافات بين حكومة الوفاق والبلديات. إلا أن جذور الأزمة تعود قبل ذلك إلى اتهامات الفساد التي تطال وزير الصحة الليبي ووكيله. طالبت البلديات بإقالتهما فيما كانت استجابة حكومة الوفاق بتخصيص ميزانية للبلديات ب 75 مليون دينار، فيما أبدت عدة بلديات رفضها للمبلغ المذكور لعدم استجابة الحكومة لشرط الإقالة.جمع البيان المشترك 30 بلدية من جنوب ليبيا وغربها، طالبوا فيه بإقالة وزير الصحة ووكيله، وأمهلوا الحكومة 48 ساعة لتنفيذ مطالبهم بشأن 'تسييل الموازنة ونقل اختصاصات الصرف للبلديات'، مبينين بأنه في حال لم تنفذ الحكومة هذه المطالب خلال الفترة المحددة، ستقوم البلديات بإيقاف أشكال التعاون كافة معها. للإشارة، برز هذا التوتر حول قضايا الفساد وسوء إدارة أزمة الجائحة على لسان آمر ميليشيات 'الصمود' صلاح بادي، عبر تهديد مباشر للسراج وأعضاء الحكومة الذين وصفهم بــ 'الفاسدين'، متوعداً، في تصريح لتلفزيون محلي، بــ'ملاحقة هؤلاء اللصوص، فالصبر قد نفد من استغلال الحكومة لانشغالنا بجبهات القتال لتكديس الأموال وسرقتها'. إلا أن هذا المعطى يعكس أيضا خلافا داخل قوات الوفاق نفسها، على هامش أزمة الفساد وأزمة الجائحة التي تهدد ليبيا، حيث توجد خلافات بيّنة بين مليشيات طرابلس التي تساند السراج وميلشيات مصراتة، المدينة التي ينتمي لها وزير الداخلية باشاغا

الموقع الرسمي لوزارة الصحة 30 بلدية ليبية تهدد بالتنصل من حكومة 'الوفاق'

الخلاف بين حكومة الوفاق ومدير البنك المركزي

ظهر الخلاف بين السراج ومدير البنك المركزي أيضا على هامش أزمة الكورونا، حيث دعا السراج في بداية شهر أفريل إلى اجتماع مع الصديق الكبير من أجل تجاوز الخلافات مطالباً بضرورة 'إنهاء حالة الانفراد بالقرار والسيطرة الأحادية على السياسة النقدية، وفرض وجهة نظر شخص واحد أوقف من دون سابق إنذار ولا إخطار منظومات المقاصة والتحويلات، وتأخر عن تنفيذ أذونات صرف المرتبات الشهرية المُحالة إليه من وزارة المالية'، في إشارة واضحة لمحافظ البنك المركزي في طرابلس، الذي أعلن مكتبه الإعلامي بعد بيان السراج بوقت قليل، عن بدء عقده لقاءً موسعاً مع أعضاء لجنة مواجهة فيروس كورونا، المشكّلة من عمداء البلديات لــ'متابعة استعداد البلديات لمواجهة أزمة تفشي الوباء والاستماع لأهم حاجاتها'، مؤكداً تعهد المحافظ بــ 'تسهيل كل العقبات المالية التي تواجه البلديات'. لكن هذا الخلاف بقي متواصلا ليحتد إلى حدود الأسبوع الجاري. ظهر السراج في خطاب متلفز لم يعتده الليبيون منه، حيث دأب في الغالب على اعماد اسلوب تواصلي أقرب إلى التوازن. إلا أنه في ظهوره الأخير قد توجه مباشرة إلى مدير البنك المركزي، بعبارات حادة. الأمر الذي دعا محمد الحافي رئيس المجلس الأعلى للقضاء على سبيل المثال إلى توجيه خطاب إلى الجانبين من أجل تجاوز الخطاب الحاد داخل الجسم السياسي الواحد. يعكس الخلاف الدائر صراع الأجنحة الإسلامية وغير الإسلامية داخل حكومة الوفاق، الذي يجد صداه أيضا في مصراتة (مدينة محافظ البنك المركزي) وقواتها الوازنة في العتاد والعدد. ثمة جزء ليس بالقليل من الشخصيات الوازنة داخل مدينة مصراته والتي تعتبر العمود الفقري للقوات العسكرية لحكومة الوفاق لم يعد راضيا على المسلك السياسي والدبلوماسي الذي ينتهجه السراج واصبحت الأصوات تتعالى بشكل واضح بشأن خلل بنيوي في الاستراتيجية التي تعمل بها حكومة الوفاق قد تؤدي الى ضياع تضحيات 'الثوار' حسب قولهم، بما قد يؤدي إلى تمكن قوات الجنرال حفتر من السيطرة على طرابلس

نجاحات غرب سرت وأبو قرين

نجحت قوات الوفاق خلال الفترة السابقة في صد هجوم قوات خليفة حفتر على منطقة أبو قرين، وانتهت المواجهات والمعارك على قرب سرت إلى خسائر كبيرة في صفوف الأخير. قصف طيران حكومة الوفاق الوطني الليبية مواقع وخطوط إمداد لقوات الجنرال حفتر غرب مدينة سرت وجنوب مدينة بني وليد، مما أسفر عن مقتل العديد من أفرادها وتدمير آليات عسكرية وأخرى لنقل الوقود فقد قال مصدر عسكري من قوات حكومة الوفاق إن عشرين مسلحا قتلوا في قصف نفذته طائرة تابعة لقواتهم استهدفت الخميس، 02 أفريل/ابريل سيارات محملة بالذخيرة وآليات عسكرية تابعة لقوات حفتر في منطقتي (الوشكة وبويرات الحسون) اللتين تقعان بين مدينتي مصراتة وسرت وأضاف المصدر أن هذه الذخائر والآليات كانت قادمة لدعم قوات حفتر في محاور شرق مصراتة. وقال مصدر حكومي رفيع إن قتلى قوات حفتر سقطوا في أماكن متفرقة من الموقع الذي قصفته طائرة حكومة الوفاق بمنطقة الوشكة غرب سرت. هذه لم تكن الا البداية، فقد شنت قوات حكومة الوفاق سلسلة من الضربات الجوية على مدينة ترهونة وبني وليد طيلة الاسبوع الماضي لمحاولة اضعاف حركة الإمدادات العسكرية التي تصل الى قوات الجنرال خليفة حفتر في مدينة طرابلس ، وكانت قوات الجنرال خليفة حفتر ترد بكل قوة وتقصف مطار معيتيقة بالتحديد بوابل من الصواريخ والقذائف التي وصلت في بعض ايام الأسبوع لأكثر من 60 قذيفة وصاروخ في اليوم الواحد، هذه القاعدة التي تعتبر من اكبر القواعد العسكرية في شمال افريقيا من حيث المساحة الجغرافية والتي تعتمد عليها حكومة الوفاق بشكل واضح في حركة الطائرات المسيرة لاستهداف قوات الجنرال حفتر. بالإضافة إلى ما سبق، يُستفاد من معركة أبو قرين أن قوات الوفاق قد تلقت معلومات استخباراتية بالهجوم الذي يخطط له الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر. وهو ما سمح بوضع خطة مواجهة شاملة انطلقت بضربات جوية وتحركات عسكرية على كل الجبهات، كما سبقها إذاعة انباء تفيد بنقص القوات في تلك المنطقة وضعف تزويدها. وقد انتهت المعارك إلى خسائر فادحة في صفوف قوات حفتر من حيث العتاد والأفراد. لاحقا، اعترف المتحدث باسم حفتر أحمد المسماري بسقوط طائرة عمودية ومقتل طاقمها المتكون من ثلاثة عسكريين، في أبو قرين
ليبيا.. إسقاط 3 طائرات في هجوم فاشل لمليشيات حفتر على “أبو قرين” كيف أدارت قوات الوفاق معركة أبوقرين، وكبدته خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد؟

الهجوم على قاعدة الوطنية

واصلت قوات حكومة الوفاق استراتيجيتها الموجهة نحو محاصرة قاعدة الوطية وإنهاكها. وتقع قاعدة الوطية الجوية -المعروفة سابقا بقاعدة 'عقبة بن نافع'- على بعد مئة كيلومتر جنوب غرب طرابلس، قرب منطقتي 'الجميل' و'العسة' (غربي ليبيا). وتعد القاعدة من أكبر القواعد الجوية في ليبيا، حيث تضم مخازن أسلحة ومحطة وقود ومهبطا للطيران ومدينة سكنية وطائرات حربية، وقادرة على استيعاب 7000 جندي. وتم إنشاءها من قبل القوات الأمريكية سنة 1942. تمثل القاعدة نقطة متقدمة لقوات خليفة حفتر من أجل تغطية كامل المنطقة الغربية لليبيا، كما تضمن خطا استراتيجيا لدعم قواته. نجحت قوات حكومة الوفاق من الدخول إلى القاعدة، ثم انسحبت لتسجل انتصارا معنويا مهما، سعى حفتر للتغطية عليه بقصف بعض المناطق في طرابلس، مع تحرك قواته نحو الحدود التونسية وصولا الى المعبر الحدودي راس الجدير. روجت هذه القوات لدخوله الى مدن رقدالين والجميل على انه انتصار بينما اعتادت قواه على الدخول اليها سابقا. لم يكن الهجوم على هذه القاعدة بالخيار السهل لأسباب متعددة، منها أساسا التحصينات الجغرافية الطبيعية والمشيدة حولها، لكن أيضا لحسابات قبلية حساسة في منطقة الزنتان المنقسمة على نفسها بين الطرفين. وهو الأمر الذي يفسر حفاظ قوات الوفاق على استراتيجية الإنهاك لصعوبة الدخول والإستقرار في منطقة مماثلة، على الأقل حاليا

سيطرة حكومة الوفاق على مدن الساحل الغربي

التطورات الأخيرة

خلال الأيام الأخيرة، عرف مجرى المعارك تطورا آخر. فقد اعلنت حكومة الوفاق سيطرتها على مدن الغرب الليبي وتحديدا صبراته وصرمان والعجيلات ورقدالين والجميل وزلطن في وقت وجيز. وهي التي كانت قوات الجنرال خليفة حفتر قد دخلت اليها عقب عندما محاولة قوات حكومة الوفاق بقيادة اللواء اسامة الجويلي السيطرة على قاعدة (الوطية العسكرية) الا انها لم تتمكن من ذلك وما حدث هو قيام قوات الجنرال خليفة حفتر بالدخول واعلان السيطرة على نفس المدن المذكورة سلفا. تعتبر المناطق المذكورة مناطق شبه منزوعة السلاح مند 2011 حيث لم تتمكن هذه المدن من الحصول على تسليح جيد بالمقارنة بمدينة الزاوية وزوارة المحاذية لها شرقا وغربا. كما أنها محسوبة على نظام معمر القذافي. وهو ما وفر قاعدة شعبية للجنرال خليفة حفتر وخلق بيئة حاضنة له هناك، خاصة انه استوعب خلال العاميين الماضيين جل الجنرالات العسكرية والضباط والعسكريين الذين انخرطوا في الاجسام العسكرية والأمنية لمنظومة النظام السابق وبناء عليه انخرط العديد من افراد هذه المدن في قوات الجنرال حفتر الذي امدهم ببعض القطع العسكرية التي لا تؤهلهم اصلا للحفاظ على مدنهم بالشكل المطلوب. ولم تصلهم الإمدادات خلال هذه المعركة التي لم تستمر طويلا، لأنه غير مستعد ان يفرغ خطوطه العسكرية التي تطوق طرابلس في مساحة جغرافية تمتد لأكثر من 160 كيلو متر

الإنتصار العسكري لقوات الوفاق ورأب الصدع الداخلي

دلالات متعددة وأفق عسكري مفتوح

بوضع التطورات العسكرية منذ فترة في المسار الطويل للأحداث، يمكن ملاحظة أن الواجهة السياسية المتمثلة في حكومة الوفاق وشخص السراج، تبحث لها عن موطأ قدم قوي لتثبيت الجبهة الداخلية. الأمر الذي يفسر إلى حد ما خطاب السراج الأخير الذي أ‘لن فيه عن السيطرة على مدن الساحل الغربي. اعتبر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فائز السراج، السيطرة على صبراتة وصرمان ومناطق الساحل الغربي من قوات الجيش الليبي “يوم انتصار لكل الليبيين”. ولفت السراج في مؤتمر صحفي له، الثلاثاء 14 أبريل/أفريل، إلى أنه أصدر أوامر لوزارة الداخلية بتفعيل مديريات الأمن في “المدن المحررة”، لإعادة الأمن والاستقرار فيها، بحسب بوابة الوسط الليبية. كما قال إنه أصدر تعليمات لوزارة الخارجية بإرسال جثامين من سماهم “المرتزقة” الذين قتلوا في معارك الاثنين، إلى دولهم مع أوراقهم الثبوتية “حتى يعرفوا (قادة هذه الدول) ما فعلت أيديهم”. وكان السراج قال في بيان سابق يوم الإثنين 13 أفريل، إن قوات حكومة الوفاق واجهت “جحافل دفعت بها عواصم تظهر لنا الولاء نهارا وتتآمر علينا تحت جنح الظلام”. رغم أن هذا الخطاب يبدو موجها إلى الخارج بسمة القوة والسيطرة، إلا أنه يبدو أيضا وخاصة موجها للداخل. بالنظر إلى التقارب في موازين القوى بين طرفي الصراع، ومع التدخل الأجنبي الذي حسم عدة معارك، ومنها الأخيرة، بعد الدعم التركي القوي خلال الفترة السابقة له، تبدو الحاجة الى دعم الصفوف الداخلية ذات ضرورة قصوى بالنظر إلى تواصل استراتيجيات إنهاك متبادل تنتظر من يسقط أولا. فعليا، وصل الصراع العسكري هذه الوضعية من التوازن المر والصعب منذ الفترة الأولى لهجوم قوات خليفة حفتر على طرابلس. أصبح الخطاب السائد بين الطرفين مركزا على حرب وجود، لم تؤمن فعليا بالحل السياسي والدبلوماسي إلا بقدر ما زاد الون العسكري الذي يسمح بفرض الشروط على الطاولة. يلاحظ هذا المعطى خلال المسارات السياسية منذ بداية سنة 2020، وانطلاق المشاورات الطويلة بين عواصم العالم المختلفة. يبدو الأفق العسكري مفتوحا خاصة ان قوات السراج تعول على تعزيز انتصاراتها التي تمر عبر الوطية والعين على ترهونة لتغيير التوازنات الجيوسياسية في غرب ليبيا. أما الطرف المقابل، فهو يبدو معتادا على استراتيجيات الحصار والإنهاك التي آتت اكلها سابقا خاصة في حصار مناطق وسط مدينة بنغازي الذي استمر الى أكثر من أربع سنوات وكذلك حصار درنة لأكثر من عامين

Stopping the War for Tripoli